سلة الشراء (0 كتب)
الاجمالي: £E0.00
سلة التسوق فارغة!
         
الرئيسية كتب تحت الاعداد جامع الخشية والرقة والبكاء
جامع الخشية والرقة والبكاء

 بسم الله الرحمن الرحيم

 
تمهيد :
الحمد لله رب العالميين، رب الخلق والعرش العظيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد النبى . على حب الله فليتنافس المتنافسون، فهو قوت القلب وغذاء الروح وقرة العين، ففى القلب فاقة لا يسدها إلا محبته والإقبال عليه والإنابه إليه ومن لم يظفر بذلك فحياته كلها هموم وآخرته غموم وكلوم، ولله در القائل : 
أروحُ وقد ختمتَ علىَ فــــــــــــــؤادى      بحبـــــــــــك أن يحلَّ به ســــــــــــــــواكا
فلو أنى استطعتُ غضضتُ طرفى      فلم أنظـــــــــــــر به حتى أراكــــــــــــــــــا
أحبـــــــــــــك لا بِبعضى بل بِكُــــــــــلى      وإن لم  يُبق حبُّك لى حِــراكــــــــــــــــا
وفى الأحباب مختصُّ بوجــــــــــــــــــد      وآخر يَدَّعى معه اشـــــــــــــــــــــــــتراكا
وكـلّ يدَّعــى حبـــــًّا لربــــــــــــــــــــــــــــى      وربى لا يقـرُّ لهم بِذاكـــــــــــــــــــــــــــــــا
إذا اشتبكتْ دموعُ فى خــــــــــــــــــدودٍ      تبينَ من بكَى ممن تباكــَـــــــــــــــــــــــا
فأمّا من بكَى فيذوبُ وجْـــــــــــــــــــــدا      وينطقُ بالهوَى من قد تباكَــــــــــــــــــا
 
نظرت حولى فإذا كل شىء يدعو إلى الحزن والبكاء وخبو الأمل، على ما الت إليه أحوال المسلمين وتكالب كلاب الأمم عليهم فى زمان قل به الزاهدون الصالحون، زمان لا يقال به للمحق صدقت ولا للمبطل كذبت ! أصبح النفاق به سلعة رائجة . وتغيرت واختلت وفقدت قيم ومفاهيم وانقلبت موازين، فإذا الحق تابعا للقوة، ولم تعد القوة تابعة للحق ! واختلفت واختلت معانى الكلمات فأصبحت الألقاب تطلق جزافا لا رابط ولا ضابط ولا معيار لمن يوصف بها . 
فمن امتلك مالا أصبح يسمى شيخا، وهو لقب إن لم يكن من أهله فهو يبعد عنه قولا وفعلا بُعد الثرى عن الثريا. وأصبحت كلمة الطيب مثلا، تطلق على الضعيف المسالم الذى لا يستطيع حيلة ولا حول له ولا قوة ! وقد كانت فى الماضى تدل على الصلاح ويتمنى أناس أن يوصفوا بها ولو بإنفاقهم الأموال . وإذا ببعض من يظن بهم أنهم أهل العلم والصلاح، ممن أطلق عليهم جزافا مشايخ وعلماء، ممن يتحدثون عن الله باسم الدين، وتظن أنهم قد أهلكوا انفسهم فى تعلم شرع الله، إذا هم أصحاب الفتيا الغريبة المريبة المحيرة، التى تشتت وتفرق المسلمين ولا تجمعهم . 
وإن أحدهم ليفتى فى دقائق فى مسألة لو وردت على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب  لجمع لها أهل بدر. غفلة فشت وسكرة طغت ومحارم انتهكت وقلوب قست ونفاق ظهر .
وفى خضم هذا البحر المتلاطم من الإثارة الجنسية، لم يعد يقتصر ظهور الفساد فى البر والبحر عبر شاشات التليفزيون والمسلسلات المدبلجة والسينما وأفلام الفيديو والمحادثات الهاتفية الداعرة فقط، بل تعداه ليشمل طبقات الجو العليا ! عبر الفضائحيات والستالايت وشبكات الإنترنت والتشاتينج. هذا بجانب مشاهدة النساء الكاسيات العاريات المثيرات في الشوارع والأسواق والإعلانات، فزادت حدة الغريزة الجنسية اشتعالا . 
وبدأت فجوة البعد عن الدين بما به من قيم ومثل تزداد فى بلاد المسلمين، حتى جاء يوم رأينا به كتباً تؤلف ضد الدين وتستهزئ بالإسلام ورسوله، لن أتحدث عن ما يحدث من غير المسلمين وتخصيصهم محطات فضائية لذلك بجانب غرف البالتوك، فهذا لا يستغرب منهم ولا يستبعد عنهم، والحال على ما تعلمون. فقد صاح الناقوس وتكلم أهل العجل والخنزير والجاموس والماجوس. 
لكن أتحدث عن شخصيات محسوبة على الإسلام، عدت من صفوة المجتمع لمكانتها الدينية والعلمية والفكرية والأدبية، نال البعض منهم جوائز عالمية ومناصب دنيوية واشتهروا نتيجة هجومهم على الإسلام .! فرأينا جوائزهم ونظرنا بحمد الله بعض جنائزهم. وإن من العجب العجاب، استدلالهم بعقولهم التى وهبها الله لهم، على عدم خشية الله تعالى وإظهارهم عصيانه .!
 
فأحببت أن أورد فى هذا الكتاب، أخبار بعض صلحاء أمة الإسلام ممن سبقونا، لعلنا نتعظ بهم وبأفعالهم وتقربهم إلى الله وخوفهم منه وحبهم ورغبتهم به سبحانه. ولنحاول أن نقارن بيننا وبينهم، ثم لننظر أين نحن من الله ثم هؤلاء، وهل بعدت المسافات بيننا أم ازدادت قربا ؟ ولننظر ما أعد الله تبارك وتعالى من ثواب وعقاب، فما أنزل بلاء إلا بذنب وما رفع إلا بتوبة . 
ولننظر ما أعددنا لموت أت لا ريب فيه، فإما سعادة مؤبدة أو شقاوة مخلدة . فلعل قلوبنا تهفو إلى القرب من المولى شوقا إليه بما قرأنا عنهم من أخبار وما تركوا لنا من آثار، ولنتساءل ما الذى جعلهم أولى بخشية الله منا والإله والمصير واحد ؟ وقد نتجاوزهم بالذنوب، فبالرجوع إلى الله وكتابه وسنة رسوله وبصالحى أمة الإسلام تحيا القلوب وترق النفوس فتجلب الخشوع فمن سعادة العبد إذا مات ماتت ذنوبه .
هذا المختصر ضمنت به ذكر مواعظ زاجرات وأردفتها بآثار عسى الله أن ينفعنى بها والمسلمين وإن كنت أرى نفسى لست أهلا لذلك، خاصة وقد أوصى الله تعالى عيسى ابن مريم عليهما السلام فقال : يا ابن مريم، عظ نفسك فإن اتعظت فعظ الناس، وإلا فاستحى منى .
 
جمعت فى هذا الكتاب بفضل الله صفحات أنصح بها نفسى وأداوى بها قسوة قلبى وأستجلب بها دموع عينى وغيرى، لأخبر عن أناس باعوا الدنيا وشروا الآخرة فربحت تجارتهم. وأقسم بالله صادقاً أننى قد اكتويت بأخبارهم وعشت معهم بخيالى من خلال جمعى لأخبارهم على مدار مايزيد عن ثلاث سنوات كأنهم أحياء معى
فإذا البون بيننا شاسع والمسافة بعيدة بعد السماوات الطباق عن الأرض. فعلمت من خلال ما جمعت عيوب نفسى وبما بى من عجز وتقصير، فبكت العين وفاضت ويشهد الله على ذلك. على ما مر وضاع من أيام عمر لا تعوض، خاصة وقد كان القلب محتاجاً إلى دواء بعدما أصابه من داء، ليعود للفطرة التى خلقه الله تعالى عليها. فما كان جمعى لأخبار صفوة من عباد الله، من ملاك أو رسول أونبى أو عابد زاهد أوعالم بحق خاشع طائع أوشيخ غير منافق، إلا لاستجلاب دمع العين وترقيق القلب، فإذا تم ذلك، خشع العبد وسعى للتقرب إلى الله طمعا فى عفوه وحبا فى رضاه، ورحل إلى الله قبل أن يرحل به .
 
فاعلم يا من اطلعت على كتابى هذا : بأن الموت لم يمت، وأنك لا أنت إلى دنياك عائد ولا فى حسناتك زائد، فاعمل ليوم القيامة قبل الحسرة والندامة، ولعل هذا اليوم هو اليوم الأخير والليلة الأخيرة لك، فكم من مستقبل يوماً لا يستكمله، وكم من مؤملٍ لغدٍ لا يُدركُه، وكم من منتظر لغد قد يكون به أجله، فاليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل، فانظر بين يدَىْ من غداً أنت قائم فلتكن صادقا مع الله ولا تكن دموعك كدموع الأيتام واللئام على أبواب الحكام، ولا تنظر إلى صغر المعصية ولكن انظر إلى من عصيت. فإن القبر لا يرحم من ليس له عمل ولا يشفق على من غره طول الأمل. ومن كانت الدنيا من أكبر همه طال فى القيام غدا غمه. فلقد أبى الله أن يعصيه عبد إلا أذله. ومن كتب عليه الشقاء فلن يسعد أبداً . 
 
أدعوا الله أن يرقق بهذا العمل قلوبا وينفع به نفوسا، فتزرف الدموع، فهى الدليل على الخشية . فخشية الله بالغيب أساس عمل المسلم كله ومعاملاته، لأنه بإيمانه بالغيب سيعمل كل خير طمعاً فى ثواب الله، وبمخافة الله بالغيب سيتجنب كل سوء فيسلم. فلا تكن كمن يغسل وجهه مرات فى اليوم ولا يغسل قلبه ولو مرة . 
 
واعلم بأن خليفة المسلمين بحق عمر بن عبد العزيز ، الذى ضرب به المثل فى العدل واشتهر به، كان يخاف الله مع عدله، وأنت تأمنه مع ظلمك وجورك !! 
فإن من ترعاه اليوم هو خصمك غدا بين يدى الله تعالى. فاعتبروا بمن مضى واجتهدوا ولا تغفلوا فإن الله لا يغفل عنكم. ولا تنظروا إلى قصور أبناء الدنيا ومناصبهم، ولا تتمنوا أن تكونوا مثلهم وارضوا بما قسم الله لكم انظروا إلى قبورهم للعظة، ثم انظروا موقفهم يوم القيامة بين يدى رب العالمين. قال تعالى : { أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ*ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ*مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ }. 
ولله در القائل :
باتوا على قُلل الأجْبالِ تحرُسُـهـــــــــم      غلبُ الرجالِ فلم تنفعْهُـــــــــم القــــــللُ
واستنزلُوا من أعالى عزَّ معقِلهــــــــم      وأسكنوا حفراً يا بئسَ ما ســـــــــــكنُوا
أين الوجوهُ التى كانتْ محجَّبـــــــــــــةً      من دونها تُضربُ الأســـتارُ والكــــللُ
فأفصحَ القبرُ عنهم حينَ ســــاءَلهُم      تلكَ الوجوهُ عليها الدودُ يقتَتِــــــــــــــلُ
قد طاَل ما أكلُوا دهراً وما نَعِمـُـــــــــوا      فأصبحوُا بعد طولِ الأكلِ قد أُكِـــــلوُا
 
أسأل من رفع السماء بغير عمد، ألا يحرمنى ووالدى أجر هذا العمل، وأن يضاعف فى الثواب، وأن يحشرنا مع الأتقياء والصالحين الخاشعين، إنه رب رحيم قريب سميع مجيب ..
 
هِـلاَلَ مُحَمَّد الْعِيسىَ
 
تم الكتاب بحمد الله فى يوم السبت الموافق الرابع والعشرين من شهر جمادى الأولى من عام ألف وأربعمائة وواحد وثلاثين من هجرة المصطفي . الموافق الثامن من شهر مايو لعام ألفين وعشرة ميلادية ..
 
 

(12)   حجم وسط
عدد الصفحات 355

فهرس

البابُ الأول

فى بعض ما جاء عن عظمة القرآن وفضائله وهو مكون من اثنى عشر فصلا .

البابُ الثاني

ما جاء فى الخشوع لله وهو مكون من أربعة فصول .

البابُ الثالثِ

ما جاء من الآيات التى ذكر فيها الخشية والخشوع والبكاء والوجل وهو مكون من اثنى عشر فصلا .

البابُ الرابعُ

ما جاء من الأحاديث القدسية والنبوية فى البكاء والخشية ورقة القلب .

البابُ الخامسُ

ما جاء فى الخوف من الله .

البابُ السادسُ

ما جاء فى بكاء الملائكة والأنبياء والرسل عليهم السلام وهو مكون من فصلين .

الباب السابع

ما جاء فى من قرأ او تذكر أو استمع للقرآن الكريم ففاضت عيناه وهو مكون من ثلاثة فصول

الباب الثامن

ما جاء فى قتلى القرآن وهو مكون من ثلاثة فصول .

الباب التاسع

ما جاء عن القلب القاسى والرحيم وهو مكون من سبعة فصول .