بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الكتاب :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا الأمين. موضوع هذا الكتاب سيرة لقمان الحكيم وما توفر لنا منها، وما أنزل الله تعالى فيه من آيات القرآن الكريم، وما روي عن الرسول فيه من الأحاديث. وكذلك ما رواه الصحابة رضى الله عنهم، وما جاء على ألسنة العرب من القصص والأخبار والأقوال .
قال تعالى في كتابه الكريم : { ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ }. { يُؤّتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَآءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً }. { وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ }. فالحكمة هي تشريف من الله لمن حباه إياها ورفعه بها وذكر حسن مخلد أبد الدهر لمن نُسبت إليه. والحكمة في القرآن الكريم كما قيل: إما يراد بها الوحي المُنزَل على الأنبياء والرسل إن كان النص يتحدث عنهم، وإما أن يراد بها الفهم الصحيح والقول الحكيم إن كان النص يتحدث عنهم أو غيرهم .
ذكر الله تعالى لقمان في قرآنه الكريم ووصفه بالحكمة، وسُميت إحدى سوره باسمه وكأنه سبحانه وتعالى من خلال كلام لقمان، العبد الأسود غليظ المَشافر وعظيم الشفتين والمنخرين، المصطك الركبتين، القصير الأفطس المشقق القدمين أراد أن يبين لنا، أن الحكمة ليست مقتصرة على لون البشرة ولا جمال الجسد وبهاء المنظر فقد نجدها عند من لا يستساغ النظر لهم. وتأييد ذلك قول رسول الله عندما قال: إن الله عز وجل لا ينظر إلي صوركم وأموالكم، ولكن إنما ينظر إلي أعمالكم وقلوبكم. وفي حديث آخر: أن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم .
كان لقمان : منعما عليه بالحكمة من عند الله تعالي، فما الظن بمن أثبت الله له الحكمة وقرر وصاياه وارتضى كلامه في كتابه وذكره إلي يوم الدين .
لذا كانت حكمته مضرب الأمثال. فله درراً نفسية خلدت بخلود القرآن الكريم على مر الأزمان وقد ذكره الله تعالى في القرآن فأثنى عليه، وحكى من كلامه فيما وعظ به ولده الذي هو أحب الخلق إليه وهو أشفق الناس عليه. وهو مثال للوالد المحب الخير كل الخير لأبنه، فإذا كان حكيما، كانت وصيته أولى والزم في الأتباع. وهى وإن كانت موجهه منه لأبنه إلا أن فأدتها تشمل عموم المسلمين .
ولقد سلك لقمان في وصاياه : النافعة جداً الجامعة للخير المانعة من الشر التوجيه القائم على الأمر والنهى، واستخدام لذلك القصة وضرب المثل، والكلمة البليغة التي تستدعى التفكر في معناها، وهذا مما يشوق فيحبب ويرغب في الموعظة ويعمق آثارها في نفس من يسمعها فيعقلها .
والنصيحة هي : خلاصة تجارب مر بها إنسان أو استمع إليها أو وصلت إليه عن طريق السمع أو الشاهدة ، احب أن يعطيها لمن هــم اعز شيء عليه في الحياة . والأب هو الإنسان الوحيد الذي يتمنى أن يكون أبنــاءه
افضل منه، لذا خص لقمان ابنه بنصائحه محبه وخوفا وحرصا عليه. فلما مات ابن لقمان من ثقل النصائح دل ذلك على أن الحكمة وطئها على النفس البشرية شديد لا يستطيع أن يتحملها كل فرد .
وفي الختام نجد أن نصائح لقمان لم تكن كلها على وتيرةٍ واحدةٍ، بل تنوعت بين أمور الدنيا والآخرة، فقد حض على الإيمان، والعمل الصالح والإخلاص، وكسب السمعة الحسنة، والصدق والصبر ونبذ الشرك.
فنسأل الله خاتمة خير ونسأله أن يعرفنا نعمه وأن يوزعنا الشكر على ذلك، فقد ينال العبد بالمعرفة والإرادة من الخير والقرب من الله سبحانه وتعالى، ما لا يناله صاحب العمل الكثير ..
أسأل الله تعالى التوفيق وحسن الخاتمة ..
هِـلاَلَ مُحَمَّد الْعِيسىَ
تم الكتاب بحمد الله في يوم الاثنين الموافق الخامس عشر من شهر شعبان من عام ألف وأربعمائة وست وعشرين من هجرة المصطفي . الموافق التاسع عشر من شهر سبتمبر لعام ألفين وخمسة ميلادية ..
(9) حجم وسط
عدد الصفحات 65 |
فهرس |
الباب الأول |
ما ورد عن لقمان الحكيم في القرآن والسنة . |
الباب الثاني |
قالوا في لقمان الحكيم . |
الباب الثالث |
قيل : للقمان الحكيم . |
الباب الرابع |
من أقوال لقمان الحكيم . |
الباب الخامس |
نصائح ومواعظ لقمان لابنه . |
الباب السادس |
محاوارت لقمان الحكيم وابنه . |