بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الكتاب :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا الأمين، الحمد لله خالق الخلق القاضي بالحق، والمثيب على الصدق، فاصل الأمور ومحصى الدهور ومحصل ما في الصدور. أمر الله سبحانه وتعالى في كتبه المنزلة بإقامة العدل بين عباده في الأرض، واستخلف من خلقه ما يشاء من رسل لينصفوا من عباده ويقوموا بأمره. فقد علم خالق النفس البشرية أنه سيكون هناك ظالم ومظلوم، لذا أمر الناس بإقامة العدل والحكم به وشرع لذلك موازين دقيقة للقضاء، لذا فالمؤسسة القضائية في الأصل يجب أن تكون عادلة، لأنها تحكم الكتاب والسنة وتحكم باسم الله ودينه وسنة نبيه .
وسبب تناولي لهذا الموضوع هو استهانة البعض - وهم قلة والحمد لله - بأمر القضاء وعدم إقامتهم للعدل. لذا فالحديث عن القضاء والقضاة حديث ذو شجون، وأجزم صادقا أنه أصبح حديثا سائداً في المجتمعات والدول المختلفة، عن قضاة اشتروا الدنيا وتعلقوا بها، أو كما قال ابن إياس عنهم: أذلوا أنفسهم فى طلب الدنيا وحب المناصب ولا حول ولا قوة إلا بالله، وهذه الفئة وإن كانت قليلة بحمد من الله، إلا أن ضررها بالغ وشرها عظيم كالصديد في الجسد السليم، ومن أكبر أضرارها أنها تسيء إلى الفئة الكثيرة من القضاة والعلماء الأتقياء، الذين همهم الأكبر هو تعظيم أرصدتهم عند الله.
هذا الكتاب لم يأتِ من فراغ، فقد استشرى الظلم وتهاون البعض منهم، ومن المعلوم أن اهتزاز الثقة في مؤسسة القضاء سيؤدى إلى فقدها لمكانتها وهيبتها، وهنا لاشك أن المجتمع سيقع في كارثة لا يعرف مداها إلا الله . في كتابي هذا لن أتكلم عن القضاء بالتفصيل، وإنما سألقي بعض الضوء فقط، على بعض ما جاء به وعنه، من أوامر ونواهٍ وأقوال وأخبار، وما رُوىِ عن الله ورسله، والصحابة والتابعين والحكماء والبلغاء في القضاء والقضاة، وضرورة التشدد والحذر في اختيار القاضي الصالح، تبعًا لأهليته العلمية والدينية، وجدارته بتولي مثل هذا المنصب، وضرورة استقلاله بأحكامه، وعدم التدخل بذلك من ولاة الأمور ومن في حكمهم، وضرورة فرض الرقابة من ولى الأمر عليهم .
إن القضاء مركب وعر ومسلك خطر، وكيف لبشر، لا يعرف من الأمور إلا ظواهرها، قد خفيت عنه البواطن وحجبت الأسرار، أن يلم بالحق ويبعد عن الخطأ إلا بتأييد من الله تعالى. لذا امتنع الفقهاء الحق عن تولى منصب القضاء وفروا منه، بل اختفى بعضهم عن الأعين حتى لا يُكره عليه، وفزع الصالحون وفروا منه فـرارا ورضوا بالسجن ولم يرتضوه، وصبروا على الضرب ولم يقبلوه. فمنهم من جلد أو حبس وعذب أو هدمت داره لامتناعه عن توليه، خوفا من أن لا يوفيه حقه أو يقوم بحقه .
إن القضاة بشر ليسوا معصومين من الخطأ، يجري عليهم ما يجري على غيرهم من بنىِ الإنسان، فحصول الخطأ وارد، وبالتالي لا ينبغي مطلقاً إن أخطأ أحدهم أن نوجه النقد لكل المنتمين للمؤسسة القضائية، فالخطأ طبيعة البشر. والهدف هو الإصلاح وتجنب الأخطاء، فالقاضي كالطبيب الجراح الماهر، يجب عليه أن يقدر الأمور قبل أن يتلفظ بالحكم .
إن النظام القضائي في الإسلام بحمد الله، يتميز بخصائص قامت على الدقة في التشريع والأحكام، وقد عزَّت الدولة الإسلامية واعتزت دوما، بمتانة شريعتها المستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية، وعدل وسمو قضائها، ومساندة الصالحين من أولى الأمر لها. إن مسئولية ولى الأمر لمن يعهد لهم بتولي القضاء هي مسئولية عظيمة، فالقضاء أشد من الإفتاء. وعلى القاضي أن يعلم بأنه إنما يعمل تحت سمع وبصر من الله فهو المراقب له. فلا يجور ولا يتجبر، فعين الله غير غافلة عنه، والظلم ظلمات يوم القيامة، ولا يكون ممن قيل بهم: كثر شاكوك وقل شاكروك، فإما اعتدلت وإما اعتزلت. أو من خاطبهم الشاعر بقوله :
فمتى ينتصف المظلوم والظالم قــــــــــــــــــــــــــــــاض
أو ممن سعدوا الناس واستراحوا بموتهم كما قال الباخرزي :
قاضٍ مَضى لسبيلـهِ لمّا قَضى ما كانَ أولّ من قضى ثمَّ انقضَى
ودُهِشتُ حتى لستُ أدري أنــــهُ ماضٍ قضى أو أنّـه قاضٍ مَضــى
لقد جمعت في هذا الكتاب بحمد الله قدر المستطاع مما جاء عن القضاء والقضاة من أخبار وأقوال وأفعال.
وإنني أرجو أن يكون عملي خالصا لوجه ربي الكريم فأنال به الأجر والثواب، وأن أقدم لقراء العربية عملا يحوز رضاهم، موضحا به بعض معانى العدل في الإسلام فهذا ما يعزيني لقاء ما أنفقت فيه من جهد وعناء
أسأل الله تعالى التوفيق وحسن الخاتمة ..
هِـلاَلَ مُحَمَّد الْعِيسىَ
خاتمة الكتاب :
تم الكتاب بحمد الله في يوم الخميس الموافق الرابع من شهر ذي القعدة من عام ألف وأربعمائة وثلاثة وثلاثين من هجرة المصطفي r . الموافق العشرون من شهر سبتمبر لعام ألفين واثنى عشرة ميلادية ..
(16) حجم وسط عدد الصفحات 249 |
فهرس |
|
الفصلُ الأولُ |
المفهومُ اللغويُّ والشرعيُّ للقضاءِ |
|
|
المفهومُ اللغويُّ للقضاءِ |
|
|
المفهومُ الشرعُّي للقضاءِ |
|
الفصلُ الثاني |
حكـمُ القضـاء مشروعيُة القضاءِ في الكتابِ والسنةِ الحكمةُ من مشروعيةِ القضاءِ |
|
|
حكـمُ القضـاء |
|
|
مشروعيُة القضاءِ في الكتابِ والسنةِ |
|
|
الحكمةُ من مشروعيةِ القضاءِ |
|
|
أبرز الأسس التي تستوحي من سيرته u في القضاء |
|
الفصلُ الثالثُ |
القرآنُ الكريمُ والقضاءُ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ |
|
|
القرآنُ والقضاءُ وما يتعلقُ بِهِ منَ الحثَّ على العدلِ والشهادةِ بالحقَّ |
|
الفصلُ الرابعُ |
الشروطُ والصفاتُ الواجبُ توفُرُها في القاضي تحديدُ صلاحيةِ القاضي واجباتُ القاضي انتهاءُ ولايةِ القاضي وأسبابُها |
|
|
الشروطُ والصفاتُ الواجبُ توفُرُها في القضاة في النظامِ القضائيَّ |
|
|
تحديدُ صلاحيةِ القاضي |
|
|
واجــباتُ القاضـي |
|
|
انتهاءُ ولايةِ القاضي وأسبابُها |
|
الفصلُ الخامسُ |
حقوقُ الإنسانِ في الإسلامِ والسنةِ |
|
|
بعض حقوقُ الإنسانِ في الإسلامِ والسنةِ وأهم المبادئ التى بنى الإسلام موقفه عليها، لذا فهي ثابتة لا تتبدل ولا تتجزأ ، وإن لم يطبقها ظالم أو جحدها فاجر |
|
|
حق الحياة |
|
|
حق الحياة وتجريم القتل |
|
|
حق الحريـة |
|
|
حق التعبير |
|
|
حق عدم التجسس عليه |
|
|
حق الدفاع عن النفس |
|
|
حرمة المسكن في الإسلام |
|
|
حق العفو والتسامح |
|
|
حق المساواة بين كل بنى الإنسان |
|
|
حق الحرية الدينية لغير المسلمين |
|
|
حق حرية الاعتقاد |
|
|
حقوق الوالدين |
|
|
حق اليتيم |
|
|
حق المسكين وابن السبيل |
|
|
حق أن يحاكم من اخطأ بالعدل |
|
|
حق التعليم |
|
الفصلُ السادسُ |
استقلالُ القضاءِ الرقابةُ على القضاةِ في النظامِ الإسلاميَّ خطورة منصبِ القضاءِ |
|
|
استقلالُ القاضي عنِ السلطةِ التنفيذيةِ والاستعفاءِ من القضاءِ عندَ تدخلِ السلطةِ |
|
|
الرقابةُ على القضاة في النظامِ الإسلاميَّ |
|
|
خطورةُ منصبِ القضاءِ |
|
الفصلُ السابعُ |
نصائحُ رسولِ اللهِ r وآخرين وتحذيرهِم لكلَّ منْ تولّى أمراً منْ أمورِ القضاء |
|
|
نصائحُ رسولِ اللهِ r وآخرين وتحذيرهم لمنْ تولّى القضاء |
|
الفصلُ الثامنُ |
ذكرُ كراهيةِ العمل على القضـاء ومنْ رفضَ توليَهُ فأُكرِهَ أو عُذَّب عليهِ |
|
|
كراهيةِ العمل على القضاء ومنْ رفضهَ فأُكرِهَ أو عُذَّب عليهِ |
|
الفصلُ التاسعُ |
من نبذَهم أهلُهمْ وأصدقاؤهمْ لدخولِهمْ في القضاءِ |
|
|
من نبذَهم أهلُهمْ وأصدقاؤهمْ لدخولِهمْ في القضاءِ |
|
الفصلُ العاشرُ |
قضاةُ زينوا ساحات القضاء بعدلِهمْ ومواقفِهمْ فزين التاريخ سِيَرَهُمْ |
|
|
قضاةُ زينوا ساحات القضاء بعدلِهمْ ومواقفِهمْ فزين التاريخ سِيَرَهُمْ |
|
الفصلُ الحادي عشَر |
الرشوةُ والهديةُ وما جاء فيهما منَ الأقوالِ |
|
|
تعريف الرشوة لغة مختصر مفهوم الرشوة في الشرع |
|
|
أنواع الهدايا وأحكامها |
|
الفصلُ الثاني عشرَ |
قضاةُ ضلّوا الطريقَ فاستحقوا الهجاءَ بأفعالِهم |
|
مقدمة |
|
|
|
مكانة الهجاء وموقعه في الشعر والادب العربي |
|
|
قضاةُ استحقوا الهجاءَ |
|
|
خاتمة الكتاب |
|
***